وشاعرنا الفحل محمد عبدالله بن دينيش البكري (القُمع)، شاعر ارتجال لا يقاوم، وهو ما عُرف عنه منذ عقود في ملاعب الدان النسائية، وفي مراجيز الزوامل التي تتقدم موكب شواعة الحريو أو عند الاستقبال أو في المناسبات الوطنية والاحتفالات الجماهيرية.
وكم هي الزوامل التي أبدعها خلال مسيرته الشعرية، التي لو دُوِّنت لشكَلت ديواناً متميزاً، لكن الكثير منها للأسف لم يُدون، والقليل حفظته ذاكرة محبيه أو بعض وريقات مما احتفظ بها الشاعر.
ومن زوامله الارتجالية التي قالها ذات مرة وهو عائدٌ إلى بيته فرأى مجموعة من الناس يلتفون بشكل دائري على سيارة نوع (صالون أبو دبه) وكان أول صالون يدخل بني بكر – كما روى خالد محمد بن نسر- فبقيت في مخيلته هذه اللقطة وفي نفس الليلة كانت هناك صفوف ألعاب نسائية يتبارى فيها الشعراء، وكان الشاعر التابعي ضمن الحاضرين، وعندما وصل شاعرنا ابو نايف (القُمع) طلب منه التابعي أن يبدأ القافية، فبدأ الشاعر القمع بما رآه من اندهاش الناس حول صالون (أبو دبة) فقال:
ابو نايف جزع صالون ابو دبه قبل عينه
ولاجا يلحقه لرجيل زاحف ما يشلينه
وبدأت النساء يرددن كلمات القمع، فقال له الشاعر التابعي ياقمع هات خُضر (أي هات غزل عفيف )، فارتجل القمع قائلاً:
ابو نايف لقي قرشين بيضاء راوهن عِيْنِه
سعيد اليوم من هن له ولو ماهن كذا زينه
ومن جانبه دخل الشاعر التابعي حلبة الملعبة فأسكت النساء وقال معاتباً القمع:
الا بالله وا جَمَّال كُن قل للجَمل مِيْنِه
معانا زرع بالوادي ورع كلن طرف طينه
حينها ادرك القمع بإن صديقه التابعي قد مكر فيه حينما لبى طلبه بحسن نية، فأرتجل رده قائلاً :
سمعت التابعي ويش قال ذي محجاه بردينه
بيشتمني وانا عاني عرفت الفسل ذلحينه
فانشد التابعي قائلاً للقمع مهما حاولت لن تبلغ مرادك :
يقول التابعي ياذي بتجري جري لا وينه
من البستان لا اتمنيت ما نديك تخزينه
ولا شك أن هناك تكملة لهذه المبارزات الشعرية لم نحصل عليها..
وهناك الكثير من زوامله الارتجالية في مناسبات مختلفة ستكون لنا عودة أليها على طريق تكريمه.
#علي_صالح_الخلاقي
